تعيين بن سالم وزيرا للشؤون الدينية: ونجحت محاولة "اليمين التكفيري" في إسقاط الوزارة مرة أخرى

عبد الجليل بن سالم إسم قفز فجأة الى واجهة الأحداث بعد اقحامه في تركيبة الحكومة الجديدة كوزير للشؤون الدينيّة.

عملية النبش في سيرة هذا الرجل لم تتطلب كثيرا من الجهد للوقوف على ماضيه المحمل بخطابات ومواقف موثقة بالصوت والصورة وهي مواقف وخطابات صادمة بأتم معنى الكلمة لكل من اعتقد أن رموز التشدد والتشنج الهوياتي قد انزاحوا عن الواجهة بعد أن سمموا الساحة على امتداد أكثر من خمس سنوات لتنتهي عربدتهم بإراقة دماء التونسيين وإكراه حركة النهضة على حجبهم من واجهتها القيادية لتُطمئن الداخل والخارج بالأساس أنها تغيرت في إتجاه تطليق المرجعية الإخوانية  .

الأمر لا يحتاج الى الكثير من التحري والتدقيق للوقوف على فكر عبد الجليل بن سالم الذي ظهر في أكثر من تسجيل وهو يُبشّر "إخوانه" بأن الإسلام السياسي سيسود المنطقة العربية عامة بعد أن حانت لحظة التمكين .

ربما لم يتوقع عبد الجليل بن سالم نفسه بعد مُرابطته في الصفوف الخلفيّة لدعاة التشدد والحقد الإيديولوجي طوال السنوات الماضية أنه  سيتمدد يوما على طاولة التشريح والتمحيص ليكتشف الرأي العام حقيقة فكره وتوجهاته بهذه السهولة، وربما توهم من دفعه إلى "التوزير" أن هذا الرجل سيلعب دور الغواصة وسيطفو على السطح ليُرشح إلى منصب خطير وحساس دون أن يُكتشف ماضيه المُخيف.

تعيين عبد الجليل بن سالم هو انتكاسة ونكوص إلى الوراء بعد محاولة تنقية المشهد الديني في تونس من الإحتقان ومن سطوة منظّري الفتنة الوهابية ودفعه في اتجاه الاعتدال وتحييد فضاءات العبادة منذ أكثر من سنتين.

عبد الجليل بن سالم هو الجواد الذي تراهن عليه "الجماعة" التي إلتحفت بالتقوى خلال السنوات الإخيرة لتزرع الوهم بأن حامل الفكر التكفيري الأعمى يمكن أن يصبح يوما معتدلا ووسطيا ويقع ائتمانه على إدارة الشأن الديني في البلاد.

"الجماعة" هللت في منابرها الإعلامية لتعيين بن سالم وزيرا للشؤون الدينية معتبرة ذلك صفعة للـ"استئصاليين" اليساريين، وصمتوا طبعا عن المجاهرة بأن تعيينه يمثل مغنما لـ"التكفيريين الوهابيين".

قد يتفطن القائمون على الحكومة الجديدة ان تعيين هذا الرجل هو السقوط الحقيقي لوزارة الشؤون الدينية من جديد في قبضة صانعي الفتنة وهذا حتما ما سيعيد عدّاد الإصلاح إلى نقطة الصفر.

قد يتفطنون ولكن بعد فوات الأوان.