"كي تقول الغريبة تقول بيريز الطرابلسي" هذا ما قاله لي الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي خلال استقبالي في القصر الرئاسي
هكذا أجابنا ضيفنا رئيس جمعية معبد الغريبة بيريز الطرابلسي بعد أن استقبلنا في جربة لاجراء حوار وبعد أن سألناه عن فحوى زيارته للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي
بيريز الطرابلسي الذي كان يضع على مكتبه صورته رفقة الراحل قائد السبسي خلال استقباله بالقصر الرئاسي كان حاضرا على جميع المحطات التاريخية التي مرّ بها يهود تونس.
ضيفنا يعتبر ذاكرة اليهود في تونس وتاريخ معبد الغريبة
هل تعرّض يهود تونس إلى أيّ نوع من أنواع التضييق أو الهرسلة ؟
منذ سنة 1955 أو 1956 كنا نعامَل على غرار بقية التونسيين المسلمين لم نتعرّض لأي ضغوطات أو إقصاء. كنا نتحصل على الرخص ونسافر بكل حرية واليهود في تونس كانوا يسافرون كثيرا خاصة بعد تفجير الغريبة بجربة سنة 1986 والذي تسبّب في وفاة 7 أعوان أمن ومسلم
بسبب تلك العملية غادر ما بين 300 و800 يهودي تونس كانوا يشعرون بالخوف ولكن بعد سنوات لم نتعرّض إلى أيّ مشاكل
شخصيّا أعمل في تونس منذ سنة 1960 إلى الآن، تحصّلت على رخصة وجميع اليهود في تونس يعملون ومن بينهم من يعمل بمدينتي جربة وجرجيس
لم نتعرّض لأيّ إعتداء أو ضغوطات من أيّ طرف... تونس بلدنا وليس لنا بلد آخر نتوجّه إليه... نحن نحب تونس على غرار المسلمين التونسيين وربما أكثر لأننا نعيش من خيراتها
تونس تعيش على وقع وضع سياسي إستثنائي ... هل لديكم أيّ تخوّفات ؟
تونس بلد يطيب فيه العيش وسيبقى كذلك ولنا الثقة في بلدنا وليس لنا أي تخوّفات ولو كان لنا أيّ تخوّفات لغادرناها
شخصيّا أصبتُ بالرصاص في مناسبتين أثناء الإنفجار الذي شهده معبد الغريبة سنة 1986 و2002، ورغم ذلك تشبّثتُ بالبقاء في تونس لأنني سافرت إلى عديد البلدان على غرار فرنسا ولم يعجبني العيش هناك.
ماهي أسباب عزوف يهود تونس عن المشاركة في الحياة السياسية ؟
يهود تونس لا يحبّون الخوض في الحياة السياسية ولم يتقلّد اليهود في تونس على مرّ السنين حقائب وزارية بإستثناء 3 أو 4 حقائب وزارية زمن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة ومنذ ذلك الوقت لم يتقلّد يهود تونس مناصب سياسية
شخصيّا عُرض عليّ البقاء بمجلس النوّاب سنة 1976 لكنني رفضت
موقف يهود تونس من إجراءات 25 جويلية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيّد ؟
نحن في إنتظار ما سيقوم به سعيّد من إصلاحات لتونس ونحن كيهود تونس نتخذ نفس المسافة من جميع الرؤساء وندعمهم ولن يلقوا منا سوى الإحترام ... يحترموننا ونحترمهم
هل تعتبرون ما قام به رئيس الجمهورية قيس سعيّد إنقلابا؟
كيهود تونس لا نعتبر ما قام به رئيس الجمهورية قيس سعيّد إنقلابا نحن نتمنى له النجاح في حملته وندعوه إلى الكثير من العمل لأن الوضع الراهن يقتضي الكثير من العمل
لو تعطينا ملامح خارطة توزّع اليهود في تونس بالأرقام
هناك حوالي 1600 يهودي في تونس أغلبهم متمركزون في جربة بحوالي 1400 يهودي يعيشون في "الحارة الكبيرة" وهناك كذلك أكثر من 100 يهودي بالعاصمة وحوالي 120 يهودي مستقرون بمدينة جرجيس
هناك عدد من اليهود الذين كانوا مستقرين في تونس غادروا بعد التفجير الذي شهده معبد الغريبة
بعد الإلغاء لسنتين ماهي أبرز ملامح حج الغريبة هذه السنة؟
تم إلغاء حج الغريبة خلال السنتين الأخيرتين بسبب جائحة كوفيد ولكن حج الغريبة هذه السنة سيكون إستثنائيا لتعويض السنتين الماضيتين
ولكن رغم الإلغاء، اليهود في العالم مازالوا يتوافدون لزيارة تونس فمنذ حوالي الأسبوع بمناسبة “عيد العشايش” توافد على تونس حوالي 1500 يهودي من باريس وأقاموا لمدة 15 يوما وخلال الشهر القادم سيزور تونس عدد من اليهود المقيمين في باريس ... اليهود يحبّون تونس لأنها بلد آمن
ما حجم الخسائر التي تكبّدتموها بسبب الإلغاء؟ وماهي إنعكاساتها على القطاع السياحي خاصة في جربة ؟ وهل هناك أيّ دعم من الدولة ؟
حج الغريبة يساهم في إنعاش القطاع السياحي ولكن بسبب "كورونا" تكبّدنا خسائر كبيرة خلال السنتين الماضيتين بإعتبار الرابط القوي بين الحركة السياحية وحج الغريبة بسبب توافد الكثير على المدينة خلال الحج وطبيعي أن يشهد القطاع السياحي إنتعاشة بسبب توافد أعداد كبيرة من اليهود على تونس.
بالنسبة إلى دعم الدولة لجمعيّة الغريبة بجربة، كنا نتلقى دعما من وزارتي الشؤون الدينية والسياحة إلا أنه منذ حوالي 3 أو 4 سنوات لم نتلقّ أي دعم بالرغم من أن المعبد يستوجب إقامة أشغال بقيمة حوالي 20 ألف دينار, لم نقدّم أيّ مطالب للحكومة ونعوّل حاليا على مداخيلنا الذاتية وطبعا سنقوم بالإصلاحات الضرورية قبل موسم الحج
إبنك روني الطرابلسي كان وزيرا للسياحة، هل تحصلتم على دعم إستثنائي خلال توليه وزارة السياحة ؟
روني الطرابلسي لم يقدّم لنا أيّ دعم زمن توليه وزارة السياحة، بل إني لم أكن سعيدا بتقلّده منصب الوزير ورفضتُ تولّيه الحقيبة الوزارية وطلبت منه أن يرفضها لكنه أصر على ذلك
هل تعتبر الغريبة في جربة الوجهة المفضّلة لليهود؟
اليهود في العالم يفضّلون الغريبة في جربة حتى اليهود في إسرائيل رغم وجود الغريبة هناك، إلا أنهم يفضّلون التوجّه إلى تونس، لذلك فالغريبة في تونس الوجهة المفضّلة لليهود وحتى المسلمين أنفسهم. في تونس أصبحوا يتوجّهون إلى معبد الغريبة بجربة، خاصة في الصيف يتوافد يوميا عدد كبير من المسلمين والمسلمات على المعبد وهناك حوالي الـ1000 منهم يتوجّهون إليه في رحلات ويقومون بالطقوس بالرغم من أن المسلمين في تونس لم يكونوا من زوّار المعبد قبل الثورة لأن الإعلام زمن الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي تعمّد إقصاءنا وكانت تغطية الحج تقتصر على القنوات الأجنبية، ولكن بعد الثورة تغيّرت المعطيات وأصبح الإعلام التونسي يغطي الحج، وهو ما جعل معبد الغريبة قبلة حتى للمسلمين والمسلمات في تونس
هل يرغب اليهود في الإستقرار بتونس ؟
هناك العديد من اليهود في العالم يريدون الإستقرار في تونس ومؤخرا إستقر يهوديان في جهة ميدون بجربة
في السابق لم يفكّر اليهود في التوجّه إلى تونس والإستقرار فيها لعديد المشاكل التي كانت تبث على القنوات ولكن خلال السنوات الأخيرة وبعد زيارات اليهود إلى تونس إكتشفوا أنها بلد آمن ويطيب فيها العيش وأصبح اليهود يزورون تونس خاصة في الأعياد، ومنهم من يقيم لمدة 15و20 يوما ولم يتعرّضوا لأيّ مسّ من حرياتهم أو ضغوطات أو تضييق وهذا طبعا بفضل قوات الأمن التي تقوم بواجبها على أكمل وجه... في الحقيقة دون أمن لا يمكن الحديث عن تونس
ماهي أسوأ الفترات أو الحقبة السوداء التي مرّ بها يهود تونس ؟
تعتبر فترة التعاضد من أسوأ الفترات التي مرّ بها اليهود، تم التضييق عليهم في أعمالهم فاليهود يفضّلون الأعمال الحرّة والمشاريع الخاصة ويرفضون العمل في علاقة بين الرئيس والمرؤوس مقابل تقاضي أجر شهري
اليهود في تونس كانوا رافضين للتعاضد آنذاك، وهو ما إضطر عددا كبيرا منهم للمغادرة والإستقرار بفرنسا وحاليا أصبحوا أصحاب مشاريع في باريس
التعاضد تسبّب في مغادرة عدد كبير من اليهود وأغلبهم باعوا ممتلكاتهم بأثمان زهيدة وكان اليهود يقولون آنذاك إن الرئيس الحبيب بورقيبة قام بطردهم بطريقة غير مباشرة "طردنا بضخامة" بعد التضييق عليهم
لو تعطينا فكرة عن ممتلكات اليهود في تونس
لا وجود لممتلكات لليهود بجربة ولكن في العاصمة تونس هناك حوالي 80 بالمائة من اليهود فرّطوا في ممتلكاتهم دون أن يعرفوا مصيرها وهناك من اليهود من توفي وليس له أبناء وجميع هذه الممتلكات تم الإستيلاء عليها مجانا ولم يكن هناك ممثل لليهود في تونس بسبب وفاة الأعضاء المشرفين على اليهود في تونس