بوجه شاحب عليه بعض الكدمات وآثار تعذيب، تتقدم إحدى ضحايا العنف الزوجي لفرقة مختصة في البحث في قضايا العنف ضد المرأة والطفل بالعاصمة، بشكاية ضد زوجها الذي احتجزها واغتصبها بوحشية امام طفلها!
تواصل الضحية حديثها بصوت مرتعش، وهي تحمل رضيعها بين يديها المرتجيفتين بسبب الخوف..بدت عليها آثارالعنف وتقييد بالسلاسل وحرق بالسجائر..بعد أن هربت من ذلك الجحيم، بمساعدة أخ زوجها الذي فك قيودها وساعدها على ركوب سيارة أجرة رفقة ابنها .
وتمكنت الفرقة من القبض على الزوج الذي أنكر اغتصاب زوجته، واعتبر ما قام به حقّا شرعيا، وكذّبه تقرير الطب الشرعي الذي اكد تعرض الضحية للعنف الجنسي .
تمتلئ رفوف المحاكم والمراكز الأمنية بشكايات العنف الزوجي و بقصص نساء فقدن حياتهن بسببه.
فقد أثارت الصيف الفارط قصة إقدام زوج على اقتلاع عيني زوجته، وتعذبيها لعدّة أيام في منزلهما الرأي العام، نظرا لفظاعة الجريمة
وكان المرصد الوطني لمناهضة العنف ضد المرأة في تونس قد ندد بتنامي منسوب العنف المسلّط على المرأة في البلاد.
وأفاد المرصد في آخر دراسة له أن أكثر من نصف حالات العنف ضد النساء في تونس مصدرها الأزواج.
وتعتبر تونس من البلدان الرائدة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة حيث تصل عقوبة العنف ضد المرأة الى حدود 20 سنة سجن وفق الفصل 208 جديد من القانون عدد 58المؤرخ في اوت 2017 و المتعلق بمناهضة العنف ضد المراة والذي ينص "يعاقب بالسجن مدة عشرين عاما مرتكب الضرب أو الجرح الواقع عمدا دون قصد القتل والذي نتج عنه الموت، ويكون العقاب بالسجن بقية العمر"
ويهدف هذا القانون إلى وضع التدابير الكفيلة بالقضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة القائم على أساس التمييز بين الجنسين من أجل تحقيق المساواة واحترام الكرامة الإنسانية، وذلك بإتباع مقاربة شاملة تقوم على التصدي لمختلف أشكاله بالوقاية وتتبع مرتكبيه ومعاقبتهم وحماية الضحايا والتعهد بهم
وطالبت الجمعيات الحقوقية المختصة في الدفاع عن حقوق المرأة بضرورة تطبيق تفعيل قانون مناهضة العنف ضد المرأة خاصة، بعد جريمة قتل سيدة في ولاية الكاف، على يدي زوجها الذي أطلق النار عليها.
تطبيق القانون هو المشكل والدولة تتحمّل المسؤولية
و في هذا الصدد، تفيد سارة بن سعيد المديرة التنفيذية لجمعية أصوات النساء المدافعة عن حقوق المرأة بأن المشكلة لا تكمن في قانون مناهضة العنف ضد المرأة، إنما في تطبقيه من قبل الجهات القضائية والأمنية ووزارة الصحة ووزارة المرأة، مؤكدة أن الدولة تتحمل التقصير في تطبيق القانون وهو ما تسبب في تنامي جرائم العنف الأسري الذي غالبا ما تكون ضحيته المرأة.
وأضافت سارة بن سعيد "إن الاعلان عن حملة توعوية، والعمل على خطاب رسمي موجه للعموم، تشارك فيه جميع الأطراف المعنية من شأنه أن يقلّل من مظاهر العنف على المرأة".
كما دعت محدثتنا وزارة التربية إلى مراجعة المناهج التربوية وإدراج برامج توعوية وتثقفية من شأنها أن تنشر ثقافة جديدة تؤمن بحقوق المرأة، بين الأجيال القادمة.
ومنذ العام 2018، أنشأت وزارة الداخلية التونسية 130 فرقة متخصة في مجال مكافحة العنف ضد المرأة وتم تكليف فرقة من الأمن المدربين لمعالجة هذه القضايا من بينهم نساء، بالتحقيق في حالات العنف الأسري وتنفيذ الأوامر القضائية لإبعاد الخطر عن النساء ضحايا العنف الزوجي.
رغم ضعف الامكانيات المادية الإمكانيات المادية للوحدات الأمنية المختصة في متابعة قضايا العنف ضد النساء الا أنها حققت عديد النتائج الابجابية في متابعة هذا النوع من القضايا.
رغم المجهودات ..نقص واضح في مراكز ايواء المعنّفات
ويبقي الاشكال المطروح في وجود عدة مشاكل في حماية المعنفات وإبعادهن عن المعتدين خاصة مع وجود نقص واضح في مراكز ايواء النساء المعنّفات وهو ما أكّدته وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن آمال بالحاج موسى .
وكانت الوزيرة قد أعلنت منذ ديسمبر المنقضي عن فتح مركز رابع لايواء النساء ضحايا العنف والأطفال بعين دراهم من ولاية جندوبة خلال شهر فيفري الماضي.
وذكرت خلال ندوة انتظمت بتونس بعنوان "قراءة اجتماعية في بيانات الخط الاخضر والنتائج الاولية لدراسة محددات العنف الزوجي" بأن ه سينضاف الى المراكز الثلاثة الاخرى، معتبرة ان عدد المراكز التي تعنى بالنساء المعنفات يبقى رغم ذلك "غير كاف ومحدود".
ولفتت الى أنه من المبرمج ان تشهد سنة 2022 تركيز 5 أو 6 مراكز أخرى سيتم احداثها حسب الولايات والمناطق التي تشهد انتشارا واسعا لمنسوب العنف ضد المرأة.وب العنف ضد المرأة.
أرقام مفزعة..
وكشف التقرير السنوي للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول العنف لسنة 2021 إلى ان الفضاء العائلي، يحتل بعد الشارع (38.5 بالمائة) ، صدارة الفضاءات التي يستشري فيها العنف وذلك بنسبة 27.7 بالمائة خلال شهر فيفري 2022.
ويعدّ العنف الأسري من أكثر أنواع العنف انتشارا وغالبا ما تكون ضحيته المرأة والأطفال أو أحدهما، الذي قد يصل الى حد ارتكاب الجرائم، وفق التقرير الذي أشار إلى أن نسبة العنف الاجرامي بلغت في شهر فيفري 2022 ، 70.8 بالمائة حيث يليه مباشرة العنف المؤسساتي بنسبة 23.1 بالمائة.