لاتزال الساعات الأخيرة في حياة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي تطرح الكثير من الأسئلة ، إلا أن ما بات مؤكدا أنه أغتيل عمدا بقرار أجنبي، من أجل أن يرحل عن الدنيا ومعه خزينة الأسرار التي كان يملكها
وكانت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية قد نشرت ما قالت إنه وصية القذافي التي كتبها في الساعات الأخيرة قبل وفاته، والتي أوصى فيها بدفن جثمانه دون تغسيل في مقبرة سرت بجوار عائلته، كما حث على إستمرار المقاومة من بعده، مطالبا بإكرام أفراد عائلته.
ووفقا لنص الوصية التي نشرتها الصحيفة البريطانية، فقد أوصى القذافي بألا يتم تغسيله وأن يدفن وفق تعاليم الشريعة الإسلامية في ثيابه التي يموت فيها - أي إعتباره شهيدا - في مقبرة سرت "إلى جوار قومي وأهلي"، حسب تعبيره.
وطالب القذافي بأن تعامل عائلته وخاصة النساء والأطفال معاملة حسنة، داعيا الشعب الليبي إلى أن يحافظ على "هويته وعلى منجزاته وأن تستمر مقاومة أي عدوان أجنبي تتعرض له الجماهيرية الآن أو غدا وعلى الدوام".
ونقلت وسائل إعلام أجنبية عن آمر الحرس الشعبي الليبي منصور الضو الذي ظل قريبا من العقيد القذافي خلال فترة الحصار بأنه ومساعدين آخرين أشاروا أكثر من مرة على العقيد بأن يترك حكم البلاد، لكن العقيد وإبنه المعتصم لم يفكّرا في هذا الخيار مطلقا.
وقال ضو: إنه على الرغم من أن بعض أنصار العقيد صوّروه على أنه راغب في القتال حتى النهاية ومسلح يقف على الجبهات الأمامية، فإنه بالفعل لم يشارك في القتال، وفضّل بدلاً من ذلك القراءة وإجراء مكالمات من خلال هاتف يعمل عبر الأقمار الصناعية.
وقال منصور الضو لقناة "العربية" في العام بعد أسره من قبل متمردين ينتمون إلى مدينة مصراتة : "قررنا مغادرة سرت والتوجه إلى الجارف بعد أن أصبح المكان غير آمن". وقال إن القذافي كان "يشعر بالتوتر لكن لم يعتره الخوف".
وعلى الساعة 7:30: سجلت طائرات الحربة الإلكترونية الأمريكية وجود نشاط غير عادي حول مقر قيادة الموالين للقذافي في سرت. وعلى الساعة 07:45: بدأت القافلة التحرك نحو الغرب خارج المدينة بسرعة كبيرة. إلتقطت طائرات "تورنادو" التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني تلك التحركات.
وعلى الساعة 08:00 إستنتج قادة "ناتو" في نابولي أن قوات القذافي بدأت عملية التخلي عن سرت. ولما كانت تلك القوات تمثل وحدات سيطرة وقيادة، فقد إعتبرت على أنها أهداف مشروعة بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي، أرسلت طائرات "بريداتور" بلا طيار من قاعدة أمريكية في صقلية للإبلاغ عن آخر المعلومات.
وعلى الساعة 08:20 إنطلقت طائرات "رافال" نفاثة فرنسية لتقصف بداية من الساعة 08:30 أول عربة في القافلة. وقد تناثرت بقية الشاحنات الصغيرة ومعظمها مجهز بأسلحة مضادة للطائرات في إتجاهات مختلفة.
وتابع ضو في مقابلة أجراها في مقر الإستخبارات العسكرية في مصراتة أن "القذافي إتجه إلى سرت يوم سقوط طرابلس في 21 أوت 2011، وكان المعتصم قد قرر التوجه للمدينة معتقدا أنها حصن منيع يمكن لوالده أن يحتمي به رغم قصف حلف شمال الأطلنطي ".
وأوضح أنه بصرف النظر عن الهاتف الذي إستخدمه للإدلاء بالتصريحات لقناة « الرأي » التي كانت تبث برامجها من دمشق ، فإن القذافي كان "مقطوعا عن العالم"، و لم يكن لديه جهاز كمبيوتر، و كان نادرا ما يوجد كهرباء في الأماكن التي يقيم فيها.
وأضاف ضو أنه قبل إعتقال القذافي كان من المفترض أن يخرج موكب يضم نحو 70 سيارة من المدينة في الثالثة من صباح الخميس 20 أكتوبر بصحبة 10 من حاشيته غير أن سوء التنظيم أدى إلى تأخر خروج الركب إلى الثامنة صباحا، وكان القذافي يستقل إحدى تلك السيارات بصحبة مدير الأمن وأحد أقاربه وسائق السيارة. وتابع "تمكنت طائرات حربية تابعة للناتو من رصد الركب بعد نحو ساعة من تحركه، وقام أحدهم بتوجيه صاروخ نحو السيارة فانفجر بالقرب منها مما أدى إلى إنتفاخ الوسادات الهوائية بها، أصابتني بعض شظايا القصف، وحاولت بعدها أنا والعقيد وآخرون الهرب عبر مزرعة إلى الطريق الرئيسي، ومع إستمرار القصف أصابتني الشظايا مرة أخرى فسقطت فاقدا الوعي، وعندما أفقت وجدت نفسي في المستشفى".
وفي العام الماضي قامت عائلة الرئيس الراحل معمر القذافي بنشر فيديو يوضح تسجيلا صوتيا له قبل وفاته على مواقع التواصل الإجتماعي على الصفحة الرسمية الناطقة بإسم عائلة القذافي، وقالت عائلته أن تلك هي الوصية الأخيرة له قبل وفاته ، حيث تمت الإشارة إلى أن هذا التسجيل الصوتي تم تسجيله بواسطة القذافي، وإنتشر على نطاق واسع على كافة مواقع التواصل الإجتماعي وأصبح حديث الساعة لكافة الأفراد .
وإحتوى التسجيل الصوتي على رسالة من القذافي إلى زوجته وإبنتيه، يقول لهن أنه ترك لهن ما سوف يكفيهن طوال حياتهن وأنه سوف يموت وهو مطمئن عليهن، وإختلفت التعليقات بشدة ما بين مؤيدين للقذافي ومعارضين له .
ويقول القذافي في التسجيل"أنا أبوك يا هناء، أنا أبوك يا عائشة، أترك لكم الفخار ولا أترك لكم العار، الموت ولا العار الموت ولا العار، النار ولا العار… سأقوم هذه الليلة بعملية إقتحام حصار سرت، وقد أستشهد في هذه العملية، فلا تحزني ولا تبكي، زغرتي يا هناء.. زغردي يا عائشة.. زغردي يا صفية.. إنني أستشهد في معركة أواجه فيها 40 دولة ظالمة لمدة 40 عاما" .
( المصدر : بوابة إفريقيا الإخبارية)