قال المحلّل السياسي اللبناني نضال السبع في حديث لـ"آخر خبر أونلاين" إن التقارب السوري السعودي يعود إلى تطورات الأزمة الخليجية وتغيّر موقف المملكة من الإخوان المسلمين
وأكد أن بوادر هذا التقارب لوحظت يوم 3 أوت الماضي حيث إجتمع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بالهيئة العليا للمفاوضات السورية المعارضة برئاسة منسقها العام، رياض حجاب، في مقرها بالعاصمة السعودية. وكان الإجتماع بناء على طلب الجانب السعودي ، وإعتقدت المعارضة حينها أن الإجتماع روتيني لتنسيق المواقف بين المملكة والهيئة، إستعدادا للجولة الثامنة من مفاوضات جنيف المزمع عقدها في الشهر الحالي ، لكن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير فاجأ المعارضة بطلبه التحضير لعقد مؤتمر الرياض 2 وبضرورة إعادة هيكلة المعارضة السورية في ضوء المستجدات والمتغيرات التي طرأت على المشهد السوري بعد حديث الرئيس الفرنسي ماكرون والإصرار الروسي على بقاء بشار الأسد في المرحلة القادمة، مشيرا إلى جهود دبلوماسية قام بها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لدى عدد من الدول العربية لإقناعها بضرورة بقاء الأسد.
وقد طلب الجبير من المعارضة "الخروج برؤية جديدة تتماشى مع الوقائع على الأرض والوضع الدولي الجديد"، وقد صدمت المعارضة من هذا الطرح الجديد وتحول الإجتماع من إجتماع روتيني تنسيقي إلى إجتماع مفصلي يؤسس لتحول إستراتيجي في موقف المملكة العربية السعودية تجاه الملف السوري ، التي رفعت شعار رحيل الأسد حتمي إما عسكريا من خلال الإطاحة به عبر الفصائل السورية المسلحة أو سياسيا عبر تسليم مفاتيح دمشق للمعارضة السورية السياسية في جنيف.
وحسب محدثنا، فإن الجبير شخّص لوفد المعارضة الوضع السوري في علاقته بالتوازنات الدولية، مشددا على أن موازين القوى تميل لصالح النظام السوري وهو ما جعل عديد دول العالم تراجع حساباتها وطلب بناء على ذلك من المعارضة إعادة صياغة موقفها من التحولات و التطورات على الأرض والتي إنعكست على مواقف المجتمع الدولي الذي لم يعد يشترط رحيل الأسد بقدر إهتمامه بمواصلة الحرب على الإرهاب بعد عمليات داعش في أوروبا و تدفق اللاجئين إليها.
و أضاف نضال السبع أن الجبير طلب كذلك من هيئة المفاوضات تقبل فكرة إعادة الهيكلة عبر توسيع وفد الهيئة ليضم معارضة موسكو والقاهرة خلال إجتماع الرياض 2 القادم، وهي الأطراف التي طالما عارضت السعودية نفسها ضمها لوفد الهيئة فى كافة جولات المفاوضات السابقة.
وهذا التغير في الموقف السعودي يؤشر إلى أن المملكة السعودية تتجه إلى القبول ببشار الأسد خلال المرحلة الإنتقالية على أن يتم في مرحلة لاحقة تحديد صلاحياته وتفويض جزء منها للهيئة الإنتقالية .
وأكد المحلل السياسي اللبناني نضال السبع أن مؤتمر الرياض 2 سيختلف جذريا عن مؤتمر الرياض 1 الذي عقد في ديسمبر 2015 والذي أكد على رحيل الأسد قبل البدء في المرحلة الإنتقالية.
وشدد على أن المنطقة تعيش على وقع تحول إستراتيجي يهم أولا تنازل المعارضة عن رحيل الأسد والدخول في عملية تفاوض جدية والتركيز على مكافحة تنظيم داعش الإرهابي
ونبّه السبع إلى دلالة تسريب عزم رياض حجاب الإستقالة من منصبه كمنسق للهيئة العليا للمفاوضات بذريعة مروره بأزمة صحية وإعتذار الجبير عن لقاء كان سيجمعه بوفد الإئتلاف السوري المعارض يوم 9 أوت الماضي وهو ما يشير إلى غضبه من المعارضة السورية خصوصا بعد إفشاء مضامين المناقشات إلى وسائل الإعلام .
وإعتبر السبع أن الموقف السعودي الجديد حول القبول بالرئيس الأسد وتوحيد المعارضة السورية تمهيدا للحل السياسي ، ليس وليد اللحظة ، بل هي قناعة الأمير محمد بن سلمان ، الذي يسعى لإطفاء الحرائق في المنطقة من اليمن إلى سوريا ، حيث أن رؤية 2030 الإقتصادية لا يمكن أن ترى النور بوجود صراعات وحروب طائفية على حدوده من اليمن إلى العراق والبحرين وسوريا ، من هنا يأتي إنفتاحه على الزعيم العراقي مقتدى الصدر لتخفيف الإحتقان الطائفي. ولم يستبعد السبع فتح خطوط تواصل مع عبد الملك الحوثي زعيم حركة أنصار الله في اليمن وربما تكشف الأيام عن حوار إيراني سعودي بعيدا عن الأضواء في المرحلة المقبلة، حسب قوله.
وأضاف محدثنا أن الأحداث في المنطقة تتوالى وتتغير وإعتبر أن الأزمة الخليجية فعلت الأفاعيل حيث أنه ما كان مستحيلا أصبح ممكنا ، فمحمد بن سلمان أعلن الحرب على قطر وعلى تنظيم الإخوان المسلمين ، وهو يدرك الآن ما كان يتحدث عنه الأسد عام 2011 عند إندلاع أحداث درعا ، وضرورة خوض المعركة ضد تنظيم الإخوان المسلمين ،التي تخوضها اليوم المملكة إلى جانب الإمارات ومصر ، سوف تدفع الأمير محمد بن سلمان لتنشيط خطوط الإتصال مع اللواء علي مملوك ، مع العلم أن الأخير زار السعودية في عام 2015 ، وإجتمع مع الأمير محمد بن سلمان برعاية روسية، مضيفا أنه يعتقد أن المرحلة المقبلة سوف تشهد عودة الخطوط الساخنة بين السعودية وسوريا ، "ومن يدري ربما نرى الأمير محمد بن سلمان في مطار دمشق والرئيس السوري بشار الأسد في إستقباله" .