الحنّاشي لـ'آخر خبر اونلاين': ظاهرة الانشقاقات ناتجة عن سيطرة الزّعيم المؤسّس وغياب الماضي السّياسي و الحزبي للفاعلين على السّاحة السّياسية..وهذه هي الخطوات لتجنّب هذه المنزلقات

اعتبر المحلّل السّياسي عبد اللّطيف الحنّاشي اليوم الأربعاء 19 سبتمبر في تصريح لـ'آخر خبر اونلاين' آن ظاهرة الانشقاقات في الأحزاب السياسية اليوم أمر طبيعي ، نتيجة وضع انتقال ديمقراطي تعيشه البلاد ، مضيفا بأنّ كلّ التّجارب في البلدان الديمقراطية عرفت أحزابها انشقاقات.

وبيّن أنّ الأشخاص الموجودين في السّاحة اليوم، حديثي العهد في ممارسة السياسة، كانوا في أنظمة استبدادية لا تسمح بوجود أحزاب وإن كانت هناك أحزاب فهي قريبة من السلطة أو منسوخة عنها مثلما كان في تونس قبل الثورة،وتسمّى بأحزاب الواجهة، بما معناه أنّها أحزاب تنتمي للنظام.

ولاحظ أنّه وفي كل انتقال ديمقراطي تحدث مسألة الإسهال الحزبي، ويصبح عدد كبير من الناس يرغبون في التعبير عن ذاتهم وأفكارهم وكأنهم ينتقمون من الماضي،ويكوّنون أحزابا مع افتقارهم للتجربة الحزبية،وما تتطلبه من انضباط واحتراما للتراتبية وللهياكل، وهو ما يولّد الاختلافات والانشقاقات.

واعتبر آن ظاهرة الإسهال الحزبي جديدة في تونس فتاريخيا لم يكن لنا أحزاب كثيرة، حيث عرفت الحركة الوطنية 3 أحزاب لا غير ،وكان الحزب الدستوري التونسي، أول حزب تأسس سنة 1920، انشق عنه الحبيب بورقيبة وكوّن حزب  "الديوان الحزبي" سنة 1934، ومن ثم الحزب الشيوعي المستمّد من الحزب الشيوعي الفرنسي.ومن ثم قام بورقيبة بحل الحزب الشيوعي سنة 1980 وبعدها سمحوا بوجود أحزاب أخرى إلى حين ترأس زين العابدين الحكم وسمح هو الأخر بتكوين 3 أحزاب فقط وفق الحناشي الذي أكّد أنّه ووفق التاريخ تونس ليس لها تجارب حزبية .

وأكّد من جانب آخر إلى أنّه لا يوجد ماض سياسي ولا ماض حزبي للفّاعلين الجدد في الحقل السياسي اليوم،مضيفا أن حدّة التجاذبات داخل الحزب الواحد نراها قائمة على أساس مصلحي، ذاتي وليست على أسس فكرية، إضافة إلى سيطرة الزعيم، المؤسّس الذي يتميز عادة بنرجسية مطلقة مؤذية ومميتة للحزب.

انعدام الرّؤى الفكرية والسياسية في الأحزاب، الناتجة عن برنامج طارئ يكون ردّ فعل على برامج أخرى وفق محدّثنا أعطى مثال على ذلك ما حصل في حزب  نداء تونس الذي انشق عنه أربعة أو خمسة أحزاب أخرى و لكن بنفس الأفكار.

كما اعتبر المحلّل السياسي أن غياب الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب تساعد هي الأخرى على الانشقاقات والتشرذم والتشذّي. إضافة إلى الولاءات الفرعية في تكوين الأحزاب،لاسيما وان عدة أحزاب متكونة من مجموعة  تحمل نفس القرابة أو تأتي من نفس الجهة ويكون لها دور هام في تأسيس الحزب وفي المقابل نجد آخرين ينتمون للحزب ويحملون أفكارا معينة ولا يعجبهم التمشي الحاصل فتحدث الانشقاقات

.

ولاحظ انه ووفق الخريطة الحزبية فإنّ حزبين فقط لم تحصل فيهما انشقاقات، هما حركة النهضة،نظرا إلى أنها حركة متماسكة، تجمع أعضاءها إيديولوجيا وتاريخ،حيث جمعتهم المظلومية والانضباط القوي داخل الحركة مستمدّ من مفاهيم الدين، والجبهة الشعبية التي ورغم أنها تجمع عدة أحزاب ولكن مازال يجمعهم تنظيم واحدا وهي ظاهر صحية وفق  الحناشي.

وأكد أنّ ظاهرة الانشقاقات ستتراجع في حال وقع استقرار سياسي ونقصت التّجاذبات السّياسية،وهذا الاستقرار يحصل في حال توفّر عاملين اثنين  يتمّثل أولاهما في تحوير ومراجعة قانون الانتخابات، وثانيهما في اعتماد العتبة بنسبة معيّنة من اجل إيجاد الفرصة لوجود أقطاب حزبية كبرى بمرجعيات فكرية واجتماعية متباينة، وتصبح هناك أحزاب قوية ويحدث بذلك التوازن.