تقدير موقف / بين تقرير واشنطن بوست و الأمريكيان في جندوبة ..هل هي الصدفة ؟

رغم نفي وزارة الدفاع الوطني وجود قواعد أمريكية في تونس  وإستعمال التراب التونسي لضرب أهداف بليبيا، فإن مضمون  التقرير الصحفي  لصحيفة " الواشنطن بوست"  مازال يحتل المرتبة الأولى في متابعات وسائل الإعلام خاصة  الأجنبية .

وليست هذه المرة الأولى  التي تُنشر فيها تقارير إعلامية حول تواجد عسكري أمريكي في تونس ، فمنذ 2011  تعددت مثل هذه التسريبات ، كما تعددت  ردود وزارة الدفاع الوطني  و نفيها لما يُنشر.

لكن اللافت للإنتباه في تقرير صحيفة " الواشنطن بوست"  المنشور أمس الأربعاء 26 أكتوبر، أنه تزامن  مع مُعطى محلي  وهو القبض على أمريكيين في مدينة جندوبة  بشبهة  محاولة الالتحاق  بمجموعات إرهابية .

لا يوجد  ما يؤكد  وجود صلة حقيقية بين القصتين الخبريتين  ، لكن هذا التزامن  يطرح أكثر من سؤال؟

الإعلام الأمريكي  يدرك أن الترويج  لوجود قواعد أمريكية  في تونس ستكون له تداعياته  داخليا  و إقليميا  وأن الجدل  و المُحاججة  حول  هذه القواعد سيُحرج  الى حد ما  الحكومة ، خاصة  في ظل نفي  الجهات الرسمية  في تونس و تأكيدها  دائما  أن  الحضور الأمريكي في تونس لا يتجاوز التعاون الثنائي .

ورغم القناعة أن الإعلام الأمريكي  لا يقدّم  دائما الحقيقة و أن تقاريره لا تتميز دائما بالدقة و الموضوعية  و أنه يخضع إلى " لوبيات المال و السياسة " خاصة في السياسة الخارجية ، فإن  مثل هذه التقارير تجد من يتابعها و ينطلق منها  

و يبني عليها مواقفه .

تزامن هذا التقرير لصحيفة "الواشنطن بوست"  مع  الجدل حول إيقاف أمريكيين إثنين في جندوبة ( و صمت السفارة الأمريكية في تونس) بشبهة  الإرهاب ، وهي من المرات القليلة التي يعلن فيها عن هوية أمريكيين في هكذا موضوع .

وقد احتل هذا الخبر مساحة  هامة في وسائل الإعلام الأجنبية  و تناقلته  وكالات الأنباء العالمية ومثّل أيضا مادة للتحليل  و المتابعة ، خاصة  أن أغلب التقارير حول جنسية الإرهابيين الذين يلتحقون  ببؤر التوتر  تضع الأمريكيين في مراتب متأخرة جدا .

و لا نعتقد أن هذا لا يحرج الأمريكان ، حتى وإن لم يعبروا عن ذلك  علنا .

قد تكون المسألة مجرد مصادفة ، لكن التجربة  تعلم أن الأمريكان لا يقومون بأي صدفة.