بقلم : الصادق اللواتي*
إن القيد الاحتياطي لحق الأولوية في الشراء يرتب أثرا مختلفا عن القيود الإحتياطية العادية التي أقرتها مجلة الحقوق العينية، ذلك أن المشرع جعل منه مانعا من موانع الترسيم وقد يكون مرد ذلك أن القيد الإحتياطي الذي اقتضاه الفصلان 35 و42 من مجلة التهيئة الترابية والتعمير يحفظ حقا ثابتا وهو حق الأولوية في الشراء وليس حقا إحتماليا كما هو الشأن بالنسبة للقيود الاحتياطية الأخرى المنظمة صلب مجلة الحقوق العينية.
وكغيره من العمليات العقارية فإن إشهار القيد الإحتياطي لحق الأولوية في الشراء بالسجل العقاري يخضع من جهة لضوابط تفرضها مجلة التهيئة الترابية والتعمير وخاصة الفصلان 35 و42 ومن جهة أخرى لقواعد الإشهار بالسجل العقاري.
وقد يتعطل إشهار هذا الحق لوجود بعض الترسيمات المانعة للتعامل على العقار أو الحائلة دون ادراج ترسيم لاحق ونخص بالذكر العقل التنفيذية والاعتراضات التحفظية ومطالب التحيين. فهل تحول هذه الترسيمات دون ادراج قيد احتياطي لحق الأولوية في الشراء ؟
* العقل والإعتراضات التحفظية :
نص الفصل 369 من مجلة الحقوق العينية على أن قيد الدعاوى وعقود المغارسة قيد احتياطيا يمكن أن يتم بقطع النظر عن وجود إعتراض أو عقلة...أما قيد غيرها قيدا احتياطيا فلا يمكن أن يتم إلا اذا كان الرسم خاليا من كل إعتراض أو عقلة. والسؤال المطروح هنا هل تنسحب أحكام الفصل 369 م ح ع على مقتضيات القيد الاحتياطي لحق الاولوية في الشراء ليتم بذلك رفض الترسيم لوجود عقلة عقارية أو إعتراض تحفظي ؟
قد يستقيم هذا التوجه لو سلمنا بأن القاعدة القانونية المنظمة لقيود الاحتياطية الواردة بمجلة الحقوق العينية هي قاعدة عامة يقع الرجوع اليها في المسائل التي لم تتناولها القواعد الخاصة المنظمة للقيد الاحتياطي لحق الأولوية في الشراء صلب مجلة التهيئة الترابية والتعمير، لكن هذا الموقف قابل للنقاش باعتبار أن القواعد الواردة بمجلة الحقوق العينية والمنظمة للقيود الاحتياطية تفتقر لخاصية العمومية والتجريد حيث أن الفصول 365 وبعده تناولت وضعيات قانونية معينة كالدعاوى، عقود المغارسة، وعود البيع وغيرها وذلك على سبيل الحصر لا الذكر.
وبالتالي فان تكريس مؤسسة القيد الاحتياطي في اطار قانوني مختلف عن ذلك المتعلق بالقيود الاحتياطية المنظمة بمجلة الحقوق العينية قد لا يعني بالضرورة سحب هذه الاحكام عليها إذ تبقى لكل قيد خصوصيته التي يستمدها من الاطار الذي يتنزل فيه.
لكن هل يمكن أن يجد رفض ترسيم القيد الاحتياطي لحق الاولوية في الشراء أساسه في أحكام الفصلين 328 و453 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية ؟
يمنع هذان الفصلان ادراج أي ترسيم لاحق للاعتراض التحفظي أو العقلة وبما أن القيد الاحتياطي لحق الاولوية في الشراء يقيد حرية تصرف المالكين في حقوقهم بما في ذلك المدين المعقول عنه فإن التحليل السليم قد يستوجب رفض مطلب ادراج القيد الاحتياطي لحق الاولوية في الشراء بعد ترسيم اعتراض تحفظي أو عقلة عقارية بالسجل العقاري غير أن هذا التوجه مردود عليه ويجد ما يخالفه على أساس أن قبول مطلب ترسيم قيد احتياطي لحق الاولوية في الشراء لن يمس من حقوق الدائن العاقل باعتبارها محمية بالانذار وبالاعتراض التحفظي المرسم. كما أن قبول الترسيم من شأنه أن يحفظ حق الدولة أو الجماعات العمومية المحلية أو الوكالات العقارية في الأولوية في الشراء ازاء بقية المالكين غير المشمولين بالعقلة سواء كانت تنفيذية أو تحفظية والحال أن رفض ترسيم القيد الاحتياطي قد يحول دون ممارسة بعض الجهات المتدخلة التي أوكل لها المشرع مهمة التهيئة والتعمير والتهذيب بالمناطق المشمولة بمثال التهيئة أو حتى خارجها وبالتالي سوف لن تستفيد هذه الجهات من آليات العمل القانونية التي متعها بها المشرع.
* مطالب التحيين :
قد يترتب عن قبول ترسيم قيد احتياطي لحق الاولوية في الشراء على رسم عقاري به تنصيص على مطلب تحيين مخالفة لأحكام الفصل 13 من القانون عدد 34 لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001 والمتعلق بتحيين الرسوم العقارية خاصة ان كان مطلب ترسيم القيد الاحتياطي له علاقة مباشرة بمطلب التحيين باعتباره يهم جميع العقار وبالتالي جميع المالكين وعليه فانه لا يمكن تجاهل التنصيص على مطلب التحيين أثناء مباشرة أعمال الدراسة والتحقيق في مطلب ترسيم القيد الاحتياطي.
الا أنه لا يمكن التسليم بوجود علاقة مباشرة وآلية بين مطلب التحيين المنصوص عليه بالسجل العقاري ومطلب ترسيم القيد الاحتياطي لحق الاولوية في الشراء وذلك نظرا لخصوصية هذا الأخير اذ أن توفر هذه العلاقة المباشرة يخضع لشروط وهي أن يكون موضوع مطلب التحيين عملية عقارية مشمولة بالمنع الذي ضبطه النص القانوني " أي إحالة بعوض أو بدونه" فما خرج عن هذا الصنف من العمليات لا يجعل العلاقة بين مطلب التحيين والقيد الاحتياطي منتفية ولكنها علاقة غير مباشرة وفي هذه الصورة يمكن ادراج القيد الاحتياطي لحق الاولوية في الشراء بعد التنصيص على مطلب التحيين وذلك اما بمناسبة دراسة مطلب الترسيم من طرف ادارة الملكية العقارية أو عن طريق اذن بمواصلة مباشرة عملية الذي نص عليه الفصل 14 من قانون عدد 34 لسنة 2001. أما في صورة التحقق من ثبوت العلاقة المباشرة فان الامتناع عن ترسيم القيد الاحتياطي لحق الاولوية في الشراء لوجود تنصيص على مطلب تحيين عملا بالفصل 13 من قانون التحيين يطرح تساؤلا حول مآل هذا الحق بالنسبة لبقية المالكين غير المعنيين بمطلب التحيين خاصة وان احالة المطلب على المحكمة العقارية طبقا لمقتضيات الفصل 13 المذكور قيد يتيح الفرصة لهؤلاء المالكين للتفويت في حقوقهم . فهل يجوز والحالة تلك ترسيم القيد الاحتياطي بصفة جزئية في حدود منابات المالكين غير المعنيين بمطلب التحيين وذلك في انتظار قرار المحكمة العقارية في المطلب المحال عليها.
*رئيس مصلحة ومحرر عقود بادارة الملكية العقارية