منذ تحريرها أواخر جويلية الماضي، واظبت الناجية الإيزدية، سيبان إسماعيل على العمل في مكتب المخطوفات الإيزديات بكردستان العراق كموظفة وناشطة مدنية، إلى جانب تلقيها دروسا لتعلم اللغة الإنقليزية التي أطلقتها منظمة "بهارا هيفيا" الإنسانية في مدينة دهوك.
كابدت سيبان التي تبلغ اليوم 21 سنة، سبعة أعوام عجاف من الإستعباد الجنسي والجسدي بتفاصيلها المروعة وحقائقها الصادمة منذ إختطافها من قريتها "كوجو" في قضاء سنجار غربي مدينة الموصل على يد مقاتلي تنظيم "داعش" الإرهابي في الثالث من أوت 2014، ثم أحتُجزت مع سكان القرية على يد المتشددين في مدارس كوجو قرابة الأسبوعين .
سبية للبغدادي ونائبه:
بعد وصول سيبان إلى مدينة الرقة مع آلاف المختطفات، تم إحتجازهن داخل سجون في المدينة لثلاثة أيام .
في اليوم الثالث، جاء داعشي برتبة "أمير" يكنى بـ"أبي محمد العدادني"، وكان نائبا لخليفة "داعش" المزعوم أبو بكر البغدادي مصحوبا بعشرات المقاتلين من التنظيم.
قام الداعشي البارز بإختيار فتاتين ووزع بقية الفتيات على حاشيته من المقاتلين، فنقلت الطفلة التي تبلغ 14 عاما للعيش في منزل "أبي محمد" قرابة ثلاث سنوات، وهو أول من إغتصبها رغم صغر سنها وبعد ذلك، أهداها لأبي بكر البغدادي الذي باعها بدوره بعد ستة أشهر من إمتلاكها، ذاقت خلالها مر الاستعباد والظلم والضرب المبرح، لا سيما من قبل زوجات البغدادي .
قالت سيبان في حديث لـ"سكاي نيوز عربية" إن البغدادي كانت لديه مئات الفتيات الإيزيديات والمسيحيات كسبايا ومستعبدات جنسيا
وأضافت "كان البغدادي يأتي يوميا بعشرات البنات ويغتصبهن، وخلال يومين يعيد بيعهن مرة أخرى، لا سيما الصغيرات منهن وكانت بينهن مسيحيات لكن أكثرهن كن إيزيديات ".
العتق من الإستعباد:
بيعت سيبان في الموصل وأعيدت إلى الرقة من أجل البيع في أسواق نخاستها، فقام داعشي من أصل لبناني بالزواج منها في محكمة بالرقة، وعتقها من الإستعباد، حسب النظام الذي كانت تعمل به "داعش".
تقول سيبان إسماعيل إنها عاشت مع زوجها الداعشي قرابة ثلاث سنوات، فإلتقت صدفة في الرقة بشقيقها الذي أختطف معها، وطلبت منه في حال تحرر وعاد إلى "كوجو" أن تتخذ العائلة قبرا رمزيا بإسمها.
ومع إشتداد الغارات الجوية التي كانت تنفذها طائرات التحالف الدولي ضد معاقل التنظيم في الرقة، إتخذ مسلحو "داعش" من المختطفات الإيزيديات وأطفالهن دروعا بشرية لهم، لا سيما مع بدء معارك تحرير الرقة.
في خضم هذا التوتر، أصيبت سيبان في بطنها وقدمها قبل أن ينسحب مسلحو "داعش" مع عوائلهم بإتجاه بلدات وقرى دير الزور، ثم إنتهى بها المطاف في بلدة الباغوز، آخر معقل لتنظيم داعش في وادي الفرات .
الفرار إلى لبنان عبر درعا:
عندما بدأ إنهيار خلافة "داعش" المزعومة، نشطت شبكة من المهربين الذين تقاضوا مبالغ خيالية، فهرب مئات من مقاتلي "داعش" وعائلاتهم إلى داخل العراق وبإتجاه مناطق المعارضة السورية الموالية لأنقرة ومنها إدلب، بينما فر آخرون إلى لبنان عبر بوابة مدينة درعا.
تقول سيبان إن زوجها إتفق مع مهرب أن يدخلهما إلى لبنان عبر درعا، مشيرة إلى أنهم سلكوا طرقا وعرة وصحراوية لكن المهرب والزوج لقيا مصرعهما في إنفجار لغم أرضي بسيارتهما في ريف درعا، بينما نجت سيبان التي أصيبت في قدمها.
تستطرد سيبان أنها حاولت الوصول إلى أقرب قرية في درعا بعد ساعات طويلة من السير على قدمها المصابة ولجأت إلى إحدى العائلات "الدرعاوية"، فقامت بمعالجتها وأخفت هويتها كما ساعدتها أيضا على البحث عن عائلتها، وعبر منصة "فايسبوك" تمكنت من العثور على صفحة شقيقها .
وتابعت "بقيت سنة كاملة لدى العائلة، وبالتنسيق مع شقيقي والبيت الإيزيدي الذي يشرف على شؤون الإيزيديين في شمال شرق سوريا، أرسلوني إلى دمشق بعد أن أخرجوني من درعا عبر أحد المهربين وأعطوني هوية إحدى بناتهم لأتمكن من السفر إلى دمشق، وعبر طائرة الركاب سافرت من العاصمة إلى مدينة القامشلي، ومنها ذهبت إلى الحسكة وبقيت عدة أيام لدى البيت الإيزيدي في المدينة، وبعدها دخلت سنجار وعدت إلى عائلتي ".
سيبان تزور قبرها:
في الذكرى السنوية السابعة لكارثة سنجار، وصلت سيبان إلى إقليم كردستان العراق، قائلة إن شقيقها الذي تحرر قبلها أخبر العائلة ما طلبته منه سيبان، أثناء لقائها معه في الرقة، وهو تخصيص قبر رمزي بإسمها.
تقول سيبان التي عاشت 2490 يوما من السبي إنها شعرت بالفعل أنها ميتة حين شاهدت إسمها على شاهد القبر، لكنها إستجمعت قواها وصممت على البدء بحياة جديدة ومستقبل جديد .
وفي ختام حديثها لـ"سكاي نيوز عربية"، أكدت سيبان أنها تدرس اللغة الإنقليزية في الوقت الحالي وستعود لمقاعد الدراسة حتى تصبح طبيبة وتكون عونا لعائلتها وشعبها.