أكّد محمد الجويلي أنّ العوامل أو الأسباب القديمة (تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبطالة...) لم تعد حجتهم للـ "حرقة"، ملفتا أنّه هناك سياقات معينة تجعل عمليات الهجرة غير النظامية بهذه الكثافة.
وفي قراءته السيسيولوجية للإقبال المتزايد منذ بداية العام الحالي رغم وباء "كورونا"، أوضح الجويلي أنّ هناك نوع من التراخي الأمني من الجانب التونسي، مضيفا أنّ عدد من التونسيين اعتبروا ما شهدته ايطاليا خلال الموجة الأولى من جائحة "كورونا" وخاصة من حيث عدد الوفيات المسجلة فرصة لبناء علاقات اجتماعية جديدة على غرار علاقات الزواج.
وأضاف الجويلي أنّ الاقتصاد الإيطالي متضرر من "كورونا" وبالتالي هناك توقعات أن يحتاج إلى يد عاملة جديدة، فضلا عن تناقل البعض فكرة مفادها أنّ إيطاليا ستسوي وضعيات المهاجرين.
وضعيات سيئة ومعاملات "لاإنسانية"
النائب عن دائرة إيطاليا بمجلس نواب الشعب، سامي عبد العالي أكّد من جهته، إثر زيارته إلى جزيرة لامبيدوزا، أن المهاجرين التونسيين المقيمين بمراكز الإيواء في ايطاليا سيئة جدا واصفاً الوضع بـ «غير الإنساني».
وأضاف عبد العالي أنّ المهاجرين اشتكوا من ظروف الإقامة السيئة نظرا لعدم توفر مياه الاستحمام وسوء الوجبات المقدمة لهم والمعاملة اللاإنسانية من قبل السلطات الإيطالية.
وكشف النائب أنّ عددا من المهاجرين التونسيين أكّدوا له أنهم عرضة للتمييز في المعاملة حسب الجنسيات وأن الايطاليين يعاملون الباكستانيين والبنغاليين أفضل منهم مضيفا أن عددا منهم أكدوا له أنّه يتم وضع دواء منوّم في الأكلات المقدمة لهم حتى يتوجهوا مباشرة بعد الأكل للنوم.
وهو ما أكّده لنا الشاب "علاء" قبل أن يتم ترحيله حيث أفاد بأنّه بعد الأكل مباشرة يشعر بنوع من النعاس والإرهاق ورغبة في النوم مشددا على أنّه ليس على يقين بأن الوجبات المقدمة تحتوي على دواء منوّم.
من جانبه صرح لنا النائب عن التونسيين بالخارج مجدي الكرباعي أن ظروف الإقامة في مراكز الاحتجاز لا تخضع للاتفاقيات الدولية مضيفاً أنّ هناك اكتظاظ كبير وتكديس للمهاجرين مشيراً أن الجانب الايطالي يتذرع دائما بمسألة الطوارئ الصحية وطوارئ الهجرة.
وقال الكرباعي إنّ طاقة استيعاب مركز الإيواء في لامبيدوزا تبلغ 200 شخصا إلاّ أنّه يأوي ما لا يقل عن 700 مهاجر.
كما أكّد لنا الكرباعي، نقلا عن وزارة الداخلية التونسية، أنّه من تاريخ 1 أوت إلى 1 سبتمبر 2020 وصل ما يقارب عن 2533 مهاجر تونسي إلى السواحل الإيطالية.
وبخصوص الاعتداءات على المهاجرين، أكّد لنا محدثنا تسجيل اعتداءات مادية وجسدية في مركز الاحتجاز ارتبطت خاصة بحادثة اشعال عدد من المهاجرين التونسيين النار في المركز من أجل الهروب وهو ما نتج عنه مشادات بينهم وبين عناصر الشرطة الإيطالية.
وأشار أن المشادات تطورت ليتم الاعتداء لفظيا وبدنيا على المهاجرين التونسيين وأنّ آثار الإصابات مازال موجودا إلى -حد كتابة هذه الأسطر- وأن الفيديوهات التي تم تناقلها على وسائل التواصل الاجتماعي التي وصلته على صفحته الرسمية توثق ذلك.
وبخصوص قضية القاصر الذي تعرض للعنف من قبل أحد عناصر الشرطة الإيطالية في مركز إيواء أكّد لنا الكرباعي أنّ الاعتداء واضح وأنه تقدم بشكوى باسمه الشخصي كنائب عن التونسيين بالخارج والقضية متواصلة ومحل متابعة.
وقال الكرباعي "تلقيت عديد التشكيات من مهاجرين تونسيين مقيمين بمركز الحجر الصحي في جنوب إيطاليا تعلقت بوجود عائلة متكونة من زوج وزوجة وابنهما قاصر ومن ذوي الاحتياجات الخاصة.. فهؤلاء يفتقرون لأبسط وسائل الرعاية لذلك اتصلت بمنظمة" انقذوا الأطفال" الذين تواصلو مع السلطات الإيطالية وسيقع نقلهم إلى مركز اخر في قادم الأيام".
وقد تمّ مؤخرا بتاريخ 18 سبتمبر 2020 نقل العائلة إلى مركز إيواء اخر مهيئ ويتجاوب مع إحتياجات القاصر وعائلته حسب ما أكده الكرباعي على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك".
وأشار إلى صعوبة التدخل لفائدة المهاجرين التونسيين المقيمين في مراكز الاحتجاز والترحيل باعتباره وأنّه ممنوع من الدخول إلى هذه المراكز ومعاينة أوضاعهم رغم صفته النيابية عن دائرة ايطاليا بخصوص الموضوع مشددا أنّه تمكن من الدخول إلى هذه المراكز فقط عندما كان ناشطا مع منظمة اطباء بلا حدود.
مبادرات خاصة لبعض النواب في ظل غياب السلطات التونسية
أكّد الكرباعي أنّه لا يوجد أدنى تمثيل من قبل السلطات التونسية في إيطاليا ولا اتفاقيات بين تونس ايطاليا في هذا الموضوع مذكراً على اعتماده علاقاته الخاصة دون مساعدة القنصل أو السفير.
وقال "هم لا يملكون أدنى معلومات بخصوص ما يتعرض له المهاجرين التونسيين من انتهاكات واعتداءات في مراكز الاحتجاز حتى وإن ضربوا أو شتموا أو حتى ماتوا وهذا لغز كبير".
غياب كلي للجانب التونسي
وأضاف محدثنا "تعبت وأنا أنادي واكرر بضرورة حضور الجانب التونسي لمتابعة ومعاينة والتدخل لفائدة المهاجرين التونسيين خاصة بمراكز الاحتجاز ولكن لم يسمعني أحد".
وأشار الكرباعي إلى الغياب التام للجانب التونسي في مراقبة أوضاع المهاجرين في حين تسجل المنظمات الأجنبية حضورها من خلال تدخلاتها لرصد أوضاع المهاجرين.
وختم الكرباعي أنّ الغياب التونسي يسجل حضوره على جميع المستويات من الجمعيات والسلطة التشريعية وحتى الملحقين الاجتماعيين أو الدبلوماسيين الذين يصعب الاتصال والتواصل معهم.