تقدير موقف / أولويّة تونس الآن ليست البحث في توبة الإرهابيّين إنّما في حمايتها من سيناريو السيّارات المفخّخة

مازال الجدل في تونس قائما حول كيفية التعاطي مع الإرهابيّين العائدين من بؤر التوتر و مدى الثقة في إعلانهم " التوبة" ، وهو جدل يعود إلى نحو سنتين ، لكن تصريح رئيس الجمهورية و ظهور منتمٍ سابق لتنظيم القاعدة في إحدى القنوات التلفزية أعاد طرحه من جديد

 من الطبيعي أن تتباين وجهات النظر حول هذا الملف المعقّد الذي تتداخل فيه التجارب السابقة لهذه المجموعات منذ ما يسمى بـ" عودة الأفغان العرب" في بداية التسعينات والمراجعات المعلنة لبعض التنظيمات ( ليبيا - موريتانيا - المغرب) و تجارب العفو ( السعودية - الجزائر - العراق ) وما هو دستوري و حقوقي .

في تونس ، وإن كان مهمّا الخوض في هذا الملف وتقديم مختلف وجهات النظر المؤسسة ( بعيدا عن العموميات و المواقف الإنطباعية ) فإن ذلك لا يجب أن يخفي للحظة واحدة أنّ بلادنا مازالت في حرب مع هذه المجموعات وأنّ خطر تهديدها للأمن مازال قائما بجديّة ، وعليه فإنّ العنوان الرئيسي الآن الذي يجب مواصلة الإشتغال عليه هو كيف نواصل حماية بلادنا من خطر هؤلاء .

صحيح أنّ المجموعات المسلحة في جبال القصرين و الكاف و جندوبة أصبحت معزولة  وتمت محاصرتها و التقليل من مساحة تحركها ، لكن ذلك لا يعني أنّ الهجوم على الدوريات العسكرية و الأمنية هو الأسلوب الوحيد المعتمد  من قبل هذه المجموعات .

فقد جرّبت في تونس  العمليات الإنتحارية (  عملية نزل سوسة ، عملية  الحافلة الأمنية بشارع محمد الخامس ) ، وجرّبت الهجوم على السياح ( عملية نزل الإمبريال و عملية باردو)  وجربت الإغتيالات الفردية ( إغتيال الشهيدين بلعيد والبراهمي و الجندي سعد الغزلاني ) .

ما لم تمارسه هذه المجموعات إلى حدّ الآن في تونس أسلوب  السيارات المفخّخة ( وإن حاولت قبل نحو ثلاث سنوات في حلق الوادي )  ، وتؤكد المحجوزات في عدد من مخازن السلاح التي تم إكتشافها  أنّ هذه الجماعات تفكّر في هذا الأسلوب .

أكبر خطر يمكن أن يهدّد البلاد لجوء هذه المجموعات إلى أسلوب تفخيخ السيارات نظرا لنتائجه الوخيمة ( التفجير في تركيا مساء أمس السبت  و التفجير في القاهرة قبل يومين  و تفجير صباح اليوم الأحد 11 ديسمبر ) .

و اليوم وقبل الذهاب بعيدا  في الجدل حول الموقف من عودة الإرهابيّين  و الثقة في توبتهم من عدمها ، من المهمّ  الذّهاب أبعد في حماية البلاد من هؤلاء  و ضمان الأمن  هذه الأولويّة المطلقة  المطروحة على الجميع .