(أ ف ب) – غادر آخر الجنود الفرنسيين المنتشرين في النيجر البلاد الجمعة في خطوة تمثل طلاقًا بين باريس والنظام العسكري الذي وصل إلى السلطة عبر انقلاب في نيامي وتنهي أكثر من عشر سنوات من القتال الفرنسي ضد الجهاديين في منطقة الساحل.
أعلن الجيش النيجري في احتفال أقيم في قاعدة نيامي الجوية الجمعة أن القوات الفرنسية انجزت انسحابها من النيجر. وقال اللفتنانت في الجيش النيجري سليم ابراهيم "تاريخ اليوم ... يمثّل نهاية عملية فك ارتباط القوات الفرنسية في منطقة الساحل".
وغادرت الدفعة الأخيرة من الجنود في طائرتين عسكريتين، بحسب ما شاهد صحافي في وكالة فرانس برس.
واختتمت المراسم بتوقيع "وثيقة مشتركة" من قبل قائد القوات البرية النيجرية الكولونيل مامان ساني كياو وقائد القوات الفرنسية في الساحل الجنرال إريك أوزان، وفق إبراهيم، بحضور ممثلين عسكريين لتوغو والولايات المتحدة.
وسلّمت فرنسا القاعدة الجوية الموقتة الى سلطات النيجر، بعد عملية فك ارتباط شملت "145 رحلة جوية" و"15 قافلة برية"، نقلت "نحو 1500 عسكري"، حسب ابراهيم.
وتأتي مغادرة 1500 جندي وطيار فرنسيين النيجر التي كانت آخر دولة حليفة لباريس في منطقة الساحل قبل وصول الجنرالات إلى السلطة في 26 جويلية، بعد الانسحاب من مالي وبوركينا فاسو اللتين دفعت فرنسا فيهما إلى الانسحاب من قبل المجموعتين العسكريتين الحاكمتين المعاديتين لها.
وبعد مواجهة استمرت شهرين مع السلطات الجديدة في نيامي التي ألغت عددا من الاتفاقات العسكرية مع باريس، انتهى الأمر بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الإعلان في نهاية سبتمبر عن رحيل القوات الفرنسية من النيجر "بحلول نهاية العام".
وغادر السفير الفرنسي لدى النيجر سيلفان إيتيه الذي طردته السلطات، البلاد في نهاية سبتمبر بعد أسابيع أمضاها داخل الممثلية الدبلوماسية.
وقررت فرنسا إغلاق سفارتها في النيجر، حيث "لم تعد قادرة على العمل بشكل طبيعي"، حسبما ذكرت مصادر دبلوماسية الخميس، مما يمثل قطيعة نهائية بين البلدين.
وشكلت مناورة انسحاب القوات الفرنسية التي بدأت مطلع أكتوبر، تحديا لوجستيا لأنها شملت في جزء منها رحلة لمسافة 1700 كيلومتر على طرق ومدارج تعبر مناطق صحراوية ومستنقعات في مناطق تنشط فيها جماعات جهادية، للوصول إلى العاصمة التشادية نجامينا حيث تتمركز قيادة القوات الفرنسية في منطقة الساحل.
وذكرت مصادر مطلعة أن جزءا من الحاويات الفرنسية التي تغادر النيجر سيتم نقلها برا من نجامينا إلى ميناء دوالا في الكاميرون، وهي رحلة تمتد على مسافة نحو 1500 كيلومتر أيضا عبر مناطق خطرة، قبل أن تسلك طريق فرنسا بحرا.
تقارب مع موسكو
في النيجر، كان الجزء الأكبر من القوات الفرنسية منتشرا في قاعدة نيامي الجوية. أما الباقون فكانوا يتمركزون إلى جانب القوات النيجرية في موقعين متقدمين في منطقة الحدود الثلاثة بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، التي تعتبر ملاذا للجماعات المرتبطة بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية.
ومنذ الانقلاب الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم الذي ما زال محتجزاً في مقر إقامته، قطع جنرالات النيجر الموجودون في السلطة علاقاتهم مع عدد من الشركاء الغربيين واقتربوا أكثر من الروس.
مع ذلك، لا تزال هناك وحدات أميركية في النيجر، وبدرجة أقل وحدات ألمانية وإيطالية.
وفي بداية ديسمبر أعلنت نيامي انتهاء مهمتي الاتحاد الأوروبي المدنية والعسكرية.
وقالت الولايات المتحدة وألمانيا إنهما على استعداد لاستئناف المحادثات مع النيجر.
وتشهد منطقة الساحل منذ أشهر زيادة في الهجمات التي يشنها جهاديون ومجموعات متمردة وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
كما اقتربت مالي وبوركينا فاسو والآن النيجر التي شكلت تحالفاً ضد الجماعات الجهادية، من موسكو.
في مالي، سبب الرحيل القسري للجنود الفرنسيين في 2022 مرارة. فقد احتلت القوات التابعة لمجموعة فاغنر قواعد ميناكا وغوسي وتمبكتو بسرعة كبيرة.
في المجموع، قتل 58 جنديا فرنسيا في القتال في منطقة الساحل منذ 2013 وعملية سيرفال التي أطلقها الرئيس آنذاك فرانسوا هولاند لدعم الحكومة المالية ضد الجماعات الإسلامية المسلحة.