في إطار إستراتيجية التوسع في السوق التونسية، قررت مجموعة بنك قطر الوطني، بعد ضخ 130 مليون دينار في الأموال الذاتية للبنك عام 2021، المضي قدمًا في هذا المسار بضخ دفعة ثانية قدرها 240 مليون دينار في فيفري الماضي.
وستمكن إعادة الرسملة من استيعاب جميع الخسائر التراكمية، بعد أن تم الانتقال، منذ العام الماضي، إلى عمليات التطهير على مستوى الديون المصنفة بما يستجيب للمعايير الدولية لتصنيف الأصول.
إلى جانب التصرف الرشيد في الأوضاع المالية للبنك، تخول خطته الإستراتيجية من التحكم في جوانب أخرى لتطويره بما يؤثر على جميع عمليات البنك. في مقابلة أجراها مؤخرا، قام السيد لطفي الدبابي المدير العام لبنك قطر الوطني تونس مع الموقع الاقتصادي "البورصة" باستعراض المراحل المختلفة للخطة المذكورة مع الأهداف المؤملة.
تعتمد خطة إعادة الهيكلة على ثلاثة محاور، ويتمثل المحور الأول في إعادة البناء المؤسسي وتنفيذ سياسة إدارة المخاطر. أما المحور الثاني فيتمثّل في تنفيذ إستراتيجية تجارية فعالة. فإنّ البنك يعتمد منهجية التخصص وبالتالي يستهدف حرفاء معينين. المحور الثالث يرتكز على دفع إدارة البيانات من خلال تطوير نظام المعلومات للبنك. مما سمح باستغلال قواعد البيانات لصالح الحرفاء ومديري الفروع والعلاقات التجارية.
ترسيخ الثقافة المؤسسية
حسب ما ورد في الحوار فإنّه سيتمّ خلال سنة 2022 ترسيخ الثقافة المؤسسية، بحيث يتم تبنيها من قبل جميع موظفي البنك. ثانيًا، سيسعى البنك إلى تسريع تنمية منهج إدارة تجربة الحريف لاستكشاف السوق وفهم تطلعات الحرفاء.
وأكّد السيد لطفي الدبابي على اعتماد البنك نهج التميّز من حيث الجودة والسرعة، وأضاف: "عندما تستهدف شريحة الحرفاء المتميزين، تكون توقعات الاستجابة عالية".
لهذا السبب أنشأ بنك قطر الوطني تونس منتجات ادخارية حصرية، ولا سيما "For-Me" الذي يمكن أن يصل معدله إلى 6.25٪، أو "Fly" المخصص للتونسيين المقيمين بالخارج.
وفيما يتعلق بحرفاء البنك الأوائل، فهو يقدم خدمات مميزة (مجانًا، او بأسعار فائدة تفضيلية) ضمن إطار عمل مناسب (مصمم خصيصًا لحرفاء FIRST). ويعتبر مفهوم FIRST فريدًا من نوعه في تونس، ويظل خاصًا بـ "بنك قطر الوطني" ويتميّز عن المنتجات التي تقدمها البنوك المحلية الأخرى.
أما فيما يتعلق بإنتاجية الموظفين وقدرتهم على التطور، قام البنك بإعداد مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) التي تعزز الحوافز أو المكافآت" حسب ما صرّح به السيد لطفي الدبابي لموقع "البورصة".
محور "النمو والتحول"
يعتمد المحور الثالث على تنفيذ حلول مبتكرة مختلفة عن الحلول الحالية. حيث يعمل على مجموعة من الحلول التي ستكون ذات فائدة كبيرة للحرفاء، وخاصة للشركات. وسوف يتم التركيز بشكل أساسي على السوق الرقمي وسوق الأعمال. كما سيقوم البنك بتطوير بوابة ترويجية خاصة لضمان العمليات عن بعد. إذ يمكن لحريف بنك قطر الوطني تونس فتح حساب اعتماد أو تحويل مستندي، على سبيل المثال، بفضل الاتصال الذي يسمح له بالوصول إلى اتصال مباشر مع مورد دولي.
وأضاف السيد لطفي الدبابي في حواره، أنّ البنك يعمل على تحسين العمليات ذات التوجه التسويقي الموحد omnicanal من خلال تحسين شبكته. فقد قام بنك قطر الوطني تونس بتوسيع شبكته بفروع جديدة في عام 2021 ودمج بعض الفروع الموجودة في نفس المحيط مع توسيع وجوده من خلال مواقع محددة مسبقًا وفقًا لإستراتيجيته. فيما يتعلق بالقناة الرقمية، قام البنك بتطوير تطبيقات وحلول مثل عمليات التحويل الجماعي والعمليات عن بُعد.
الديون المعدومة والقروض المتعثرة
قام بنك قطر الوطني تونس بصياغة مسار عملياتي يتضمن نظام تحذير، أي التنبيهات للقروض غير المسددة التي تصل إلى 45 يومًا.
ولاحظ السيد لطفي الدبابي، في هذا الصدد، أنّ الكوفيد-19 قد أثر بشكل كبير على الشركات الصغرى والمتوسطة. حتى مع الأخذ في الاعتبار التدابير المتخذة لاستيعاب عواقب الأزمة الصحية، فإن القطاعات المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالسوق الدولية تضررت بشدة من الوضع الاقتصادي.
أبرز أحداث عام 2021
في عام 2021، كانت إدارة المخاطر في بنك قطر الوطني تونس متوافقة مع النسب التنظيمية على الرغم من استمراره في تكبد الخسائر. ومع ذلك، فقد زاد الناتج البنكي الصافي الخاص به بشكل كبير، حتى أنه تضاعف بمقدار ستة مقارنة بعام 2020. بالإضافة إلى ذلك، فإن هامش الفائدة في طور التطور المتواصل. صحيح أن قائم القروض تراجع العام الماضي، لكن البنك يخطط لزيادته بمقدار 250 مليون دينار نهاية عام 2022.
وطمأن السيد لطفي الدبابي شركاء البنك بأنّه تمّ خلال الثلاثي الأول من العام الحالي منح قروض جديدة بقيمة 150 مليون دينار.
وأضاف أنّ سنة 2021 كانت سنة استثنائية لبنك قطر الوطني تونس من حيث التعافي. فقد حقق البنك أكثر من 70 مليون دينار "استخلاص نقدي" cash recovery، إضافة إلى إعادة هيكلة أكثر من 50 مليون دينار من الديون. كما قام البنك بشطب 130 مليون دينار من الديون المعدومة، لكنه لم يتم منح قروض جديدة العام الماضي في ظل الضغوط التي عاشها الوضع الاقتصادي. ويتمتع بنك قطر الوطني تونس بدرجة عالية من السيولة مع مؤشر سيولة قصيرة المدى في حدود 900٪. أما بالنسبة لنسبة القروض / الودائع، فهي أقل من 90٪.
باختصار في سنة 2021، شهد بنك قطر الوطني تونس نمو ودائعه بنسبة 25٪ بسبب عائد التحصيل الجيد. مما يعتبر قطيعة مع السنوات السابقة لأن العجز من حيث الودائع كان هيكليًا. ولديه حاليا فائض مما يمكّنه من المشاركة في إصدار السندات الوطنية وكذلك في الإصدارات الحكومية.
وأكّد المدير العام للبنك على المساهمة الهامّة لبنك قطر الوطني تونس في تمويل القطاع العام، مما يعكس رغبة البنك في دعم خيارات الدولة وخيارات الاقتصاد الوطني.
تأثير هذه الإنجازات على نشاط البنك
قام البنك بإعداد منتجات جديدة لقطاع بالتجزئة وقد تمّ التركيز بشكل أساسي على المدخرات والقروض. وبالتالي، تمّ إطلاق حساب بنك قطر الوطني للادخار محدد بمعدل مكافآت تطورية اعتمادًا على المبلغ والفترة.
ويقدم البنك أيضًا منتجًا يسمى " you to you " مخصص للتونسيين المقيمين في الخارج، وخاصة في بلدان الخليج. وبشكل عام، حيث يوجد بنك قطر الوطني، من الممكن أن يكون لديك حساب عن بعد ونقل الأموال دون الذهاب إلى بنك قطر الوطني تونس.
وأضاف السيد الدبابي "نحن نقوم حاليًا بزيادة العمليات البنكية الإلكترونية من خلال البطاقات الذكية والمنتجات الموجهة نحو الدفع عبر الهاتف المحمول. شغلنا الرئيسي هو ضمان تلبية رغبات الحرفاء. وحتى إذا كانت شبكتنا تقتصر على 34 فرعا، وقوتنا العاملة هي 380 شخصًا، فسنرفعها إلى 402 موظفًا هذا العام. "
آفاق التطوير
على الرغم من أنّه تمّ التركيز خلال سنة 2021 على الإصلاح الرئيسي، إلا أن الناتج البنكي الخام الصافي سجّل تطورًا ملحوظًا لأكثر من 400 ٪، بعد إدارة أفضل لموارد البنك، والمحفظة المالية وكذلك تلك الخاصة بالاستثمار.
ومع ذلك، سجل البنك نتيجة صافية سلبية ويرجع ذلك أساسًا إلى زيادة تكلفة المخاطر الموروثة من السنوات الأخيرة. لذا نسعى إلى اعتماد سياسة إدارة المخاطر قائمة على الحوكمة الرشيدة.
علاوة على ذلك، فإن السياسة التطوعية التي اعتمدها بنك قطر الوطني تونس ودعمها مجموعة بنك قطر الوطني لحماية نفسها من مخاطر فترة ما بعد الوباء قد أثرت على نتيجة البنك.
وأفاد السيد لطفي الدبابي : " الرسالة التي نود إيصالها لحرفائنا أن البنك في استماع دائم إليهم و حريص على دعمهم ومساندتهم لتحقيق كل تطلعاتهم."
وأضاف في ختام الحوار الذي أدلى به إلى موقع "البورصة" : "لقد قمنا بمراجعة سياستنا التجارية ونسعى جاهدين أيضًا لتقديم الدعم والمشورة لحرفائنا من رجال الأعمال من حيث إدارة أموالهم، وتحديد أولويات مشاريعهم ونصحهم للتميز على مستوى البنوك المنافسة بفضل خبراتنا، ونحن أيضًا شركاء مع مجمعات أعمال خاصة كبرى، بالإضافة إلى التمويل وخبرتنا ومعرفتنا من حيث الدعم الدولي وهذا بفضل جودة كبار المديرين التنفيذيين لدينا وتصنيف AAA الذي تتمتع به مجموعة بنك قطر الوطني."